فوتوغرافيا
الأبُ المكلوم .. ورصاصات العتاب القاسية
وابلٌ من العتب واللوم انهال على “سعيد” بسبب سلوكه الغريب، والذي استهجنه أصدقاؤه وزملاؤه وحتى جيرانه ! فخلال ذلك الأسبوع، وهو فترة زيارة ابنته له، ينفق الكثير من الأموال في برامج الألعاب والترفيه المختلفة التي يُغدقها عليها، ويشتري لها مجموعة من الهدايا التي يتجاوز ثمنها قدراته المادية ! إنه ينفق خلال ذلك الأسبوع، أكثر من مُعدّل إنفاقه المُعتاد خلال شهرين كاملين، حينما يكون وحيداً.
أسهمُ الانتقادات التي تطالهُ من كل حدبٍ وصوب، ليس هذا سببها الوحيد، فهناك سببٌ آخر يستغربه الجميع وبسببه يعتبرون أن “سعيد” يعاني خللاً ما .. أو على الأقل فقد ذَهَبَ به هوسهُ إلى حدودٍ مُقلقة. كان “سعيد” يلتقط آلاف الصور خلال ذلك الأسبوع مع ابنته، في المنزل والسيارة والشارع، حتى خلال تناول الطعام ومتابعة التلفاز وعند إيقاظها صباحاً حاملاً إفطارها المفضّل .. يلتقطُ لها الصور المقرّبة تارةً وتارةً مع مناظر أو معالم معيّنة في الخلفية، وكثيراً ما يلتقط صوراً لهما معاً بطريقة “السيلفي”.
ذات مرة اقترب منه صديقه “محمد” وسأله: أنت تنتظر هذا الأسبوع بالدقائق والثواني ! لماذا لا تستمتع بوقتك مع ابنتك بكل طاقتك ؟ لماذا تُضيّع معظم الوقت في التقاط الصور ! يمكنكَ أن تعيش اللحظة أو تقوم بتصويرها .. لكن لا يمكنك الجمع بينهما أليس كذلك ؟ تلوّن وجه “سعيد” بألوان الحزن .. فَبَدَت ملامحه أكبر بـ10 أعوام من عمره الحقيقي، وأجاب: أسبوعٌ واحدٌ لا يكفيني .. إني أقوم بتخدير مشاعر اشتياقي لها بآلاف الصور .. إن الصور تواسيني وتداوي مشاعري .. وتُساعدني على استعادة لحظاتي معها .. لتطولَ بأكبر وقتٍ ممكن.
فلاش
بعض الصور غالية جداً .. وكأنها مطبوعة على جدران قلوبنا
جائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي