استمتع بهوايتك دون وصي
الفن و القيم الجمالية
شكل الاهتمام بالفن و القيم الجمالية عنصراً جوهرياً في تكوين الإنسان.
فقد مورس الفن منذ فجر التاريخ، و كان بمثابة الاهتمام الجوهري في كثير من الحضارات، إذْ استخدمه الانسان في طقوسة و في عباداته، و في التعبير عن أفراحه و أحزانه، كما كان يشكل عنصراً هاما في إطار علاقته بالعمل.
و قد أبدعت البشرية الآثار العظيمة، و التي كانت و لا تزال تشهد على مستوى تقدم الإنسان ورقيه، في هذا البلد أو ذاك.
و إذا كان التقدم في الفن هو أحد المعايير الرئيسية التي يمكننا بواسطتها قياس تقدم مجتمع ما، بالإضافة على معايير أخرى- كالتقدم في العلم و السلوك الاجتماعي. ذلك أن التقدم في الفن يحتاج إلى بشر واسعي الأفق، يعيشون حياة متحضرة-مستقرة-خاصة في عصرنا الحاضر- و يحتاج إلى درجة متقدمة من التطور الاجتماعي تستوعب روح الفن و الفنانين، و تشجع حرية الإبداع، و تنأى بالقيود عن الفن و الفنان، ذلك أن الفن الحقيقي لا ينمو إلا في مناخ صحىّ، مناخ تتألق فيه حرية التعبير، و حرية الإبداع بعيداً عن سطوة التقاليد البالية، و سطوة الموروث، و أهل السلف. كما يحتاج الفن إلى تقدم العلم أيضا و التقنية، و ذلك لأن العلم يضئ المغارات المظلمة في ذهن الإنسان، و يطرد الأشباح القديمة، و يساعد- بمنهاجة- على تقبل الجديد في كل شئ، كما أن الفن في أنواع متعددة منه، يحتاج إلى التقنية. و بذلك يكون التقدم في الفن شاهداً على التحضر، و التقدم الحقيقي للإنسان، كما أن غياب الفن، أو وجود موقف مضاد للفن في بلد ما، أو من فئة ما، إنما يعبّر بدقة عن تخلف هذا البلد أو هذه الفئة، و أن- هذا البلد، و هذه الفئة-يعيشان في غياهب عصور ولت، و تقاليد قد أخْلقتْ.
من كتاب: الفن و القيم الجمالية
بين المثلية و المادية
تأليف : د. رمضان الصباغ